عـــــــاجـــــل
في "يوم الابتكار التربوي" بجامعة محمود الماطري : الذكاء الاصطناعي في خدمة الوسائل البيداغوجية للتعلي... الوكالة الإيطالية للتجارة الخارجية ITA/ICE تنظم النسخة الرابعة من مختبر انوفا لتونس "فود تراك تونسي… مشروعك بين ايديك" مبادرة شبابيّة متميّزة تأمل تفاعلا من السلط المعنيّة: اسكندر الشريقي لجريدة عليسة الإخبارية: تونس بحاجة للتوظيف السليم للذكاء الاصطناعي مندوبية تونس 2 للتربية تكشف نتائج مسابقة تحدي القراءة العربي في نسختها الثامنة قابس تحتضن الدورة 2 من مهرجان ريم الحمروني للثقافة تحت شعار "ويستمر الوفاء" مدينة العلوم بتونس تحتضن الندوة الوطنيّة حول «التّبذير الغذائيّ في تونس» تونس تستضيف المؤتمر العربي للإكتواريين 2024 تنظيم ورشة عمل حول مخرجات برنامج التعاون الفني الخاص بدعم الاتفاقيات التجارية مع إفريقيا المبرم مع ا... إحداث قنصلية تونسية جديدة بمدينة بولونيا الإيطالية الاحتفاظ بموظفين إثنين من الخطوط التونسية وزير الخارجية يدعو إلى ترحيل جثمان عادل الزرن في أقرب وقت:
تحقيقات

الزّهور الميّتة” في أرض الخضراء

كثير من الأمثال قيلت في عيشة المقهورين والمعدمين والذين “شواهم” الفقر وعضّهم العوز شرّ عضّة وغرس فيهم مخالبه القاتلة حتّى أرداهم إلى النّزع الأخير يحتضرون بين حياة شديدة قاسية وبين موت زؤام صعب، هذه الحال الضّنكة والوضعيّة الحالكة تنسحبان على طائفة واسعة من سكّان الأرياف والمناطق الجبليّة البعيدة والجهات الصّحراويّة والحدوديّة النائيّة حيث لا شيء غير الخصاصة والحرمان وقلّة ذات اليد والفراغ القاتل.

مراهقون وشباب في عمر الزّهور، تلاميذ كانوا أم طلبة أم عاطلون، في سلّة واحدة جلّهم بلا طموح أحلامهم مدفونة وآمالهم مقبورة، ولا شيء يوحي بالانفراج القريب، هم لا يجدون متعة ولا متنفّسا في بيئة خانقة لا “مدينة ألعاب فيها” ولا “فضاء للتسوّق” ولا “دار ثقافة” أو لا “نادي رياضي” يجمعهم في أيّام الراحة والعطل، حتّى ولو كان صغير الحجم والسعة، فقط حوانيت للعب الورق والثرثرة والهراء واستهلاك مادّة “النميمة” وربّما تحوّل الأمر إلى ما لا يتوقّع حدوثه وما لا يحمد عقباه.

يعيش ذاك القوم، أفراده كثر، تلك الأساطير المأساويّة التي أوجدها “ألبرت كامو” في “البؤساء” وغير من أدباء ومفكّري المسلك “السيزيفي”، حيث العدميّة وضبابيّة المستقبل واستحالة بلوغ هدف أو تحقيق أمنية، فالمريض والحامل يتوفيّان على الطّريق والتلاميذ يقضون السّاعات في قطع عشرات الكيلومترات ذهابا وإيابا مشيا على أقدامهم الغضّة في مسالك وثنايا وعرة وخطرة في الفجر وعند بلوغ المساء، يرتحل الصّغار كلّ يوم والمجهول يتربّص بهم من كلّ جانب متحيّنا فرصة الانقضاض على فرائس بشريّة سهلة ومذعنة، والمتربّصون متنوّعون فهذا ذئب جائع وهذا خنزير كالح عنيد وهذا آدميّ مثله مثل الضبع خبيث.

تجمّعات سكنيّة منثورة على الروابي وفي قمم الجبال وفي بطونها وفي سفوحها حياتهم أشبه بحياة شعوب “الآنكا” القديمة أو الهنود الحمر زمن اكتشاف “كريستوفر كولومبس” للقارّة الأمريكيّة في القرن الخامس عشر ميلادي، كأنّ النّاس في أريافنا تعيش على ضفاف الأمازون حيث لا نفعت برامج تنمية ولا ظهرت على القوم نعمة ومعونات “الصناديق الإشهاريّة” والتبرعات الدعائيّة” وحيث لم يجد القوم ذاك الشعار الذي ملأ الدّنيا وشغل النّاس، شعار “التونسي للتونسي رحمة”، فالنّاس ما زالت صابرة، صبر أيّوب تنتظر، حلول تلك الرّحمة التونسيّة الخالصة دون غيرها.

مساكن لا تصلح لإيواء البشر تشابه زريبة الأغنام ومدارس بلا كهرباء و لا ماء صالح للشّرب وبلا “بيوت راحة” يسرح فيها الغنم ويمرح فيها البقر ويرتع فيها المتسكّعون والعاطلون، مدارس يرتادها تلاميذ ليسوا كالتلاميذ الذين نعرفهم في حواضرنا ومدننا وأحيائنا، تلاميذ جواربهم و”أحذيتهم” ممزقة وثيابهم بالية مرقّعة ومحفظاتهم قديمة مهترئة وكتبهم وكرّاساتهم مثل ذلك والكلّ بلا حفظ ولا صون إلاّ من رحمة ربّهم خالقهم وخالق النّاس أجمعين، هؤلاء تونسيّون أوفياء لوطنهم يحبّونه لكنّهم إلى يوم النّاس هذا لم يربحوا من سلطات البلد المتعاقبة “لا صوردي لا خرّوب” فقط منظرة وتسويف وحشد انتخابي لهذا الحزب أو ذاك ثمّ رفوف النسيان والتّغييب والتّجاهل وإدارة الظهر إن لم يكن شيء آخر.

 تونس الخضراء ملايين من زهورها ميّتة تعيش على كفاف المشهد بين الاحتضار والموت، زهور ذابلة رغم أنّ الأديم خصب والأرضيّة ولاّدة، تموت الزهور في بعض من أرضنا العريقة رغم عمق الجذور وتأصّل الفروع ورغم وفرة الطبيعة وفورتها، هكذا حال البلد، حال بين الهجير والهاجرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com
error: هذا المحتوى غير قابل للنسخ أو الطباعة.

يمكنكم أيضا متابعتنا على صفحتنا على الفيس بوك