( قـــيــس الـعرقوبي ) “سجاذة”: لن يقنعوا عاقلا ولو خرجوا علينا عراة حفاة

والأكاديمي ورجل الإعلام والإتصال الكبير “صلاح الدين الدّريدي”، فصاحة
وحصافة الأستاذ الدريدي هي ما نهلنا من غيض فيضه ونحن نتلقّن أسس وأبجديّات المهنة
بمعهد الصحافة وعلوم الاخبار ذات سنوات خلت، اليوم يتحدّث الرّجل عن “شطحات
الإعلام” وانحرافاته وتلبّس الأمور عن المشرفين عنه في كلّ الوسائل
الإعلاميّة، وخروج الأمور عن نصابها إلى حدّ السفه والخبل.
مقدّس”، ولا “التعليق حرّ”، فـما يحدث اليوم هو أنّ “الخبر مشوّه”
و”التّعليق موجّه”، أمّا “أجناس الأخبار” فصارت “روبافيكا
سيدي عبد السّلام” وما جاوره من أسواق الخردة والبضاعة المتقادمة ومنتهية
الصلاحيّة، هكذا إعلامنا وانتاجاتنا الصحفيّة، التي أمست في أغلبها اجترار تافه
لقديم لم يعد له تأثير على الجماهير، بل لم تعد لهم قيمة أصلا، كيف لا والمنتوج لا
يوافق أيّ من معايير الجنس الصحفي، ولا يتجانس مع أيّة صفة للصفات المفترض توفّرها
في هذا الصحفي الواجب أن يظهر بالصّورة التي يترقّبها الجمهور العريض، والمتمثّلة
أساسا في ثلاثيّة أساسيّة ومفروضة في منتي الصحافة والإعلام، وهي
“المصداقيّة”، “الموضوعيّة” الحياديّة”.
الصحافة المكتوبة أقلّ ما يقال عنها أنّها “تافهة” و”غير
موضوعيّة”، فالفئات الواسعة من الشعب التونسي لم تعد تصدّق ما يكتب ويذاع
ويبث في وسائل الإعلام، والنّاس البسطاء تتحدّث، بقناعة شديدة، أنّ كثيرا من وسائل
الإعلام “تكذب” وأنّها “تعمل في السياسة”، والضحيّة ليس صاحب
مؤسسة الإعلام بدرجة أولى ولكن الصحفي والإعلامي، مذيعا كان أم منشّطا أم ما شابه،
لأنّه هو المتكفّل بنقل المعلومات التي يصفها شقّ كبير من المجتمع التّونسي بـ
“الزائفة”.
الثقافة أو المجتمع أو غيرها، أمّا في المنتجات الأخرى من قبيل البرامج والمنوعات
والمسلسلات و”التفريكات”، فهي من قبيل “الذي أضحى فأبكى”، فلا
مضمون يصلح ولا هدف يرجى، شيء من فقاعات “البوز”، و”شطيح ورديح على
طار بوفلس” ثمّ تسأل وتستبطن الرّسالة فتجد الوضع “خالية قفراء خاوية
على عروشها”.
و”المتسكّعون” على مهنتنا وإعلامنا وبقيّة قطاعات الثقافة ذات العلاقة
أسهم كثيرا في تردّي الإنتاج جرّاء تردّي أهله مهنيّا وأخلاقيّا، بشكل جعل الإناء
ينضح بما فيه.
نفسك الكريمة وعلمك الغزير.. ولكن ربّما لم يعد العقار نافعا في ما أفسده دهر
تشرذم فيه القطاع واختلط فيه الحابل بالنابل.. سجاذة سيدي الكريم، ولا حول ولا
قوّة إلاّ بالله”.