( قــيس الــعرقوبي) // وقفة تأمّل: “الصّوف يتباع بالرزانة”

بالبغضاء لسنوات، بل لأجيال متلاحقة.
في العقل واللسان واليد، تلك سمة أغلب وخصال أغلب البشر في البلد، كل
شيء “شقّو دقّو”، والجميع يريد “حرق المراحل” كما درجوا على
حرق علامات المرور، ففي ديارنا وطرقاتنا وإداراتنا، يسرع الجميع إلى القباحة
والوقاحة، ويطلقون فحيح ألسنتهم، ويتكلّمون بأيديهم وأرجلهم أولا وأخيرا.
وضياع المبادئ، بل صرنا من المنعوتين بتذبذب القيم واستشراء الخديعة والخيانات
والفساد، ناهيك عن فضائح التصرّفات اللاّعقلانيّة والممارسات اللاّمسؤولة التي
جلبت إلينا الفضائح وفاقمت مظاهر الكذب والنفاق والفساد والشذوذ.
أحداث مجتمعيّة مفزعة، مهلكة للحرث والنسل، شباب لا يأبه إن ألقى بنفسه في فوهة
الإرهاب أو في مستنقع الإنتحار، شباب لم يعد لديه هدف ولا قرار ينقاد كالدابة إلى
أوكار الجريمة والمخدرات وما جاورها.
للعيان من خلال تصرفات أولياء كان من الأجدى أن يكون عقلاء، هؤلاء الذين يلقون ببناتهنّ فريسة هذا المريض أو ذاك الشّاذ
أو ما شابه من “دواب بني آدم”، لا
لشيء إلاّ طمعا في نسب وحسب أو مال لا يهمّ إن كان مأتاه حرام في حرام، يفعلون ذلك
غير آبهين بالعواقب الوخيمة لهذه الخفّة والتسرع، عواقب من قبيل: جرائم العنف
والقتل ضد بناتهم، طلاق، ومصائب اجتماعيّة لا يعلم حجمها ولا سلبياتها الجمّة إلاّ
الخالق جلّ وعلا.
الركض واللهفة والرغبة في تملّك كلّ شيء في المناسبات والعطل، ومثل ذلك في موسم
الإصطياف وفي الأعياد وحتّى في شهر الصيام، الجميع يركض في نفس الاتّجاه ولا يهمّ
القوم إلاّ نيل مبتغاهم، فالجميع “نفسي نفسي ولا يرحم من مات”.
ولا أرجلهم، ثمّ عندما تدور الدّوائر ونحتاج الصّديق وقت الضّيق نجد من نفرناه
وأبعدناه، في حين يفرّ عن العيون من قرّبناهم نجيّا وحسبناهم “توائم
الأرواح”، فاتضح أنهم أشباح لم تحذق سوى النفاق والنباح.
والفلاح، فـ “التفرفيش” و”التفركيح” لا يجلب إلاّ الكوارث
والمهانة.
بالتجارة وأساليبها وبالبضائع وأثمانها، فلا يسارع في بيع بضائعه ابان دخوله السوق،
فلا يستعجل ويتأنّى ليرى الأسعار المعمول بها، وما يعرض عليه من أثمان من رواد
السوق.