9 أفـريل 1938: درس وعبرة؟؟
الأحداث التي وإن كانت ذكراها رمزيّة وتاريخيّة نقشت في كتب التاريخ التونسي
والبشري، فإنّها أعمق وأقوى، وأوسع من إطارها الإحتفالي المناسباتي السّطحي
والبروتوكولي.
واستغلّ ثرواتها، واستنزف ثرواتها، وظلم شعبها فقتل من قتل، وعذّب من عذّب، وسجن
من سجن، وأذلّ من أذلّ، ونفى من نفى، ملحمة شعبيّة أظهرت أنّ وأد إرادة الشعوب من
سابع المستحيلات، وأنّ الشعب إذا أراد الحياة فلا محالة الأقدار مستجيبة.
رخيصة عند العملاء والسفهاء، الأوّلون بذلوا الأرواح والغالي والنفيس من أجل تحرير
الوطن ومنعة الأرض وحرمة الأهل، والآخرون باعوا وتاجروا من أجل البطن والفرج
وحفنات من “فرنكات” صدئة و”صورديات” منقوبة.
“الصبايحيّة” من القوّادين والقهرمانات واللحاسة من باعة الوطن وسماسرته لا
نصر لهم في النهاية، وهم مدحورون مهانون صاغرون، هؤلاء جرفهم تيّار تلك الواقعة
كأنّهم تلك الحصيّات المفتّتة والجراثيم الميكروسكوبيّة الذاويّة، جرفتهم أنهار
الوطنيين الهادرة فجعلتهم مثل غثاء السيل.
كما يبالغ من يبالغ من سكب ذاك الكلام الفضفاض بل هي رسالة معلنة بأنّ تونس تأكل
أعداءها ثمّ تتقيّأ أرواحهم وأجسادهم النكرة، هي رسالة واضحة بأنّ تونس لا تنافق
ولا تناور ولا تهادن ولا تداهن في ما يتعلّق بالعرض والأرض، هي خطوط حمراء تحرق من
يقترب منها فترديه رمادا تذروه رياح وطنيّة شعب عاصفة.
ثمّ نتأمّل بتمعّن حاضر الوطن ومستقبله، وننظر بعيون ثاقبة ومتفحصة هؤلاء الذين
يثيرون الريبة ويتنططون هنا وهناك بيننا دون حسيب وبلا رقيب.