الدبلوماسيّة الإقتصاديّة : حان موسم البذر في انتظار موعد الحصاد
شريحة واسعة من الخبراء والمختصين في المجالين الدبلوماسي والاقتصادي يجمعون اليوم، وأكثر من أيّ وقت انقضى، على أنّ الظرف الراهن يستدعي مراجعة الفهم التقليدي للعمل الدبلوماسي نحو مقاربة جديدة في اعداد خطط عمل وبرامج للبعثات الدبلوماسية تقاس بمدى نجاحها في مجال الدبلوماسية الاقتصادية، وأنّ مستقبل العلاقات بين الدول يخضع تأثيرا وتأثّرا بمدى تطور الروابط الاقتصادية بينها.
التحدي الاقتصادي الماثل أمام البلاد يستدعي بالضرورة مواصلة بذل الجهد من أجل تحقيق المزيد من الانفتاح على الاسواق الخارجية وتفعيل الاتفاقيات والشراكات الاقتصادية وجلب المشاريع والاستثمارات الاجنبية ومواصلة الترويج لتونس كوجهة سياحية مميزة، لذلك أضحى حريّا بالدبلوماسيين التّونسيين التحرّك وبذل مجهود أكبر بما يمكّن من الترويج للصورة الحقيقية لتونس في الدوائر السياسية والاقتصادية في الخارج والبحث عن فرص الشراكة والاستثمار وتطوير اليات التعاون الاقتصادي والتجاري وتنويعه والتعمق في ما تتيحه الدبلوماسية متعددة الاطراف من مجالات استثمارية واقتصاديّة هامّة.
مطلوب اليوم من حكومة يوسف الشاهد تكليف وزير الشؤون الخارجيّة بمهمّة تكوين لجنة دبلوماسيّة ينبثق عنها “مجلس للدبلوماسيّة الاقتصادية التونسيّة العليا”، يعهد إليه النظر في كلّ ما يهمّ تنفيذ جملة الاتفاقيات ذات الطابع الاقتصادي والاستثماري، وتتفرّع عنه لجان مصغّرة تشمل أعمالها كافّة السفارات والقنصليّات والممثليّات الدبلوماسيّة التّونسيّة في مختلف أقطار العالم.
الدبلوماسيّة التّونسيّة في أمسّ الحاجة إلى استعادة وهجها الإقليمي وإشعاعها الدولي وذلك انطلاقا من العمل على تعزيز جملة من المبادئ الثّابتة لم تكن تونس لتحيد عنها طيلة ما يزيد عن 6 عقود، ثوابت أساسيّة تقوم رأسا على الذّود عن مصالح تونس وخدمتها من خلال إيجاد “مجالات حيويّة” مجدية ونافعة، لا سيما عبر تثبيت العمل على جملة من الأبعاد، تتمثّل بالخصوص في:
البعد المغاربي: دعم اتحاد المغرب العربي وتفعيل هياكله وتنشيطها في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية باعتباره خيارا استراتيجيا والإطار الأمثل للبلدان المغاربية لتحقيق اندماجها الاقتصادي وتوثيق علاقاتها مع التكتلات والتجمعات الأخرى ولاسيما منها الاتحاد الأوروبي.
البعد العربي: دعم التضامن العربي وتعزيز وتطوير العمل العربي المشترك في مختلف المجالات ودعم التكامل الاقتصادي بين الدول العربية.
البعد الإسلامي: تعزيز العلاقات مع الدول الإسلامية في مختلف المجالات.
البعد الإفريقي: تطوير العلاقات مع دول القارة الإفريقية في مختلف المجالات ودعم الاتحاد الإفريقي باتجاه مزيد من التضامن والتكامل بين الدول الإفريقية.
البعد المتوسطي: دعم المسار الأورو متوسطي وتطويره باتجاه تعزيز علاقات الشراكة والتضامن بين دول الضفتين الجنوبية والشمالية للبحر الأبيض المتوسط في المجالات السياسية والأمنية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.