
في كل عام، تعود إلينا “جوائز نجوم تونس” في موسم جديد موسم يشبه كثيرًا حفلات التخرّج في المدارس الخاصة: أضواء لامعة، موسيقى صاخبة، سجاد أحمر، وابتسامات مصطنعة تعلن عن “لحظة تاريخية” جديدة.
المشكلة ليست في الإحتفال نفسه، بل في السؤال الذي يفرض نفسه بقوة: من يختار هؤلاء النجوم؟ وبأي معيار؟ ولماذا نشعر دائمًا أن الجوائز تُوزّع مثل هدايا رأس السنة وليس مثل تتويجات حقيقية؟
اللافت في هذه التظاهرة أنّها تقدّم نفسها كحدث “يجمع رواد الفن والرياضة والإعلام والإبداع” وكأنّها قادرة على حلّ أزمة اعتبارية مزمنة: مَن هو الفنان الحقيقي، ومَن هو المؤثّر بالصدفة، ومَن هو المشهور فقط لأنّ فيديوهاته تصلح كميمات على فيسبوك؟
في كل دورة، تُطرح نفس الأسئلة ولا نجد جوابًا:
– هل هذه الجوائز تُمنح فعلاً لمن يستحق؟ أم لمن يحضر؟
– هل هي اعتراف بالمنجز؟ أم جائزة ترضية لرفع معنويات البعض؟
– هل هي تكريم؟ أم استعراض اجتماعي؟
لقد تحوّلت بعض الفعاليات في تونس إلى “مهرجانات صور” أكثر من كونها منصّات فنية وكلّ ما تحتاجه للترشح هو مصوّر جيّد، متابعون على إنستغرام، وبدلة لامعة، عندها يصبح كل شيء ممكنًا، بما في ذلك لقب “أفضل فنان صاعد” حتى وإن كانت آخر أغنية لك تسجّل قبل الثورة.
أما عن الشفافية فحدّث ولا حرج ، لا نعرف لجنة التحكيم، ولا آلية التقييم، ولا المعايير، ولا طريقة التصويت ، والأكثر طرافة أنّ كل المشاركين يفوزون بطريقة أو بأخرى!
يبدو أنّ “الخسارة” شيء غير مذكور في قاموس هذه السهرات.
المثير أيضًا أنّ بعض الجوائز تُقدّم لوجوه تظهر كل سنة بلا سبب واضح، حتى أصبح البعض يُلقّب هذه المناسبات بـ “حفل تكريم الأصدقاء” أو “جوائز الذوق الشخصي”.
ومن يدري؟ ربما نرى قريبًا جائزة جديدة اسمها “أفضل ظهور على السجادة الحمراء” أو “أكثر ابتسامة مُلتقطة بالكاميرا”.
طبعًا لا أحد ينكر أنّ تنظيم سهرة فاخرة أمر جميل و لكن الجمال لا يصنع المصداقية، والبريق لا يكفي لصناعة النجومية، فالنجوم الحقيقيون لا يحتاجون لمجسم ذهبي كي يُثبتوا قيمتهم ، أعمالهم تتحدث عنهم، وليس حفلات توزيع جوائز يعتمد أغلبها على العلاقات أكثر من الإنجازات.
و باختصار: “جوائز نجوم تونس” حدث ممتع، لامع، ومسلي لكن إن أردنا الحديث عن “المصداقية”، فيبدو أنّها ضائعة في مكان ما بين السجادة الحمراء، ووميض الكاميرات، والابتسامات المحسوبة بدقة.
نادرة الفرشيشي



