الأخـبـار
توقيع اتفاق غزة بشرم الشيخ من أجل استمرارية التقاليد الدبلوماسية: جمعية قدماء السفراء والقناصل تعقد جلستها العامة إحتفال دبلوماسي بالعيد الوطني الإسباني يجسّد عمق الصداقة بين تونس وإسبانيا شراكة دبلوماسية بروح رياضية: تونس والنرويج تحتفيان بنجاح التعاون في كرة القدم النسائية تونس: التعويل على الذات والاستغناء عن صندوق النقد..(ق/ع) "Balloons Event Show – Tunisia" :رحلة في سماء الإبداع بدعم من شركة عجيل غزّة.. نصر حتمي إتحاد إذاعات الدول العربية يطرح مبادرة جديدة : المجموعة العربية للكتب الصوتية وزير الداخلية يشرف على فعاليات اليوم الختامي للندوة الوطنيّة الأولى بعنوان "الجرائم السّيبرنيّة في ظ... تونس والإتحاد الأوروبي بعد 30 سنة على توقيع اتفاق الشراكة الاستراتيجية لعام 1995 تعاون عُماني – تونسي جديد يعزز الشراكة في مجالات المياه والهندسة الأيورفيدا، التراث الحي للهند: في خدمة رفاه تونسمن الحكمة القديمة إلى دبلوماسية الرفاه، تواصل الأيور...
الأخبار الوطنية

تونس: التعويل على الذات والاستغناء عن صندوق النقد..(ق/ع)

“تونس التي اختارت التّعويل على ذاتها وسدّدت كلّ ديونها في مواعيدها بالرّغم من أنّ الشّعب لم يستفد منها على الوجه المطلوب، قد كذّبت ممّن يحنّون اليوم إلى الكومسيون المالي ويدعون إلى التدخّل الخارجي”، هذا الكلام جاء على لسان رئيس الدولة قيس سعيّد، وذلك خلال لقائه عصر الأربعاء 8 من شهر أكتوبر الجاري برئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري حيث تناول اللّقاء مشروع قانون الماليّة والميزان الاقتصادي لسنة 2026.

النص:

[1]

“إما أن تقبّل الأفعى أو تسقط في البئر”، هي صورة الواقع الذي علقت تونس في كماشته خلال آخر عهدة حكومة هشام المشيشي، فالبلاد كانت على صفيح ساخن أين سجلت حالة غير مسبوقة من التدهور الشامل طالت كافة المجالات والمستويات بشكل هبطت فيه المؤشرات إلى ادناها، فوسم الصورة العامة وضع اقتصادي باء بالانخرام والاهتزاز ومناخ اجتماعي محتقن زاده احتقانا التذبذب في ايجاد الحلول السالكة موازاة مع سوء إدارة أزمة كورونا.

في هذا الجو المكفهر اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا ذهبت تونس بشعبها وحيدة نحو سيناريوهات جميعها مفتوحة على المجهول، حيث لم يشفع للشعب آلاف المليارات التي يدفعها في شكل فواتير جبائية وضريبية كثرت عناوينها وتفرعاتها. وقد هربت الأمور من المشيشي وحكومته انعكاسا منطقيا لهروبها من ايادي القائمين على المنظومة وقتها، فما كان من مهرب سوى الارتماء في أحضان المؤسسات المالية المقرضة والهرولة إلى مزيد تحميل اوزار ثقيلة للبلاد والشعب عبر مزيد الاقتراض والتداين.

حينها أجمع كثيرون، أصوات من المعارضة ومن داخل أحزاب الحكم وخصوصا البراغماتيين من ذوي النفس الموضوعي أو بالأحرى الذي يغلب مصلحة الدولة وصالح مواطنيها، هؤلاء أجمعوا فعلا على أن “خيار التداين” سبيل خاطئة وخطيرة وعواقبها وخيمة وتمس بسيادة والدولة واستقلالية قرارها.

لكن مقابل كل ذلك كانت الرغبة جامحة لحكومة المشيشي والحزام البرلماني الداعم لها لتجاوز تداعيات السياسة العشوائية وتدهور الأمور فلم يكن من خيار لأصحاب القرار الا الذهب في طريق الاقتراض والانحاء لكل اشتراطات صندوق النقد الدولي التي ما انفكت تزداد اجحافا بل وتدخلا في الشأن العام الداخلي للبلاد وفي رسم سياساتها العامة بل وطالت مسائل تخص هوية الشعب وثقافته وحتى ذوقه العام تحت عباءة عناوين الكونية والحرية وما إلى ذلك.

[2]

واقعيا، لم تجن تونس من هذا القرض المؤجل سوى الضجة والجعجعة التي تثيرها بعض وسائط الإعلام، هذا القرض الذي تم تحميله ما لا يحتمل خلال منظومة ما قبل “إجراءات جويلية 2025″، والتي راهنت على الظفر به دون اعتبار لمراكمة الدين الخارجي وارتفاع مؤشر العجز العام في ميزانية الدولة والميزان الجاري والتجاري وانحدار كل المؤشرات المتعلقة بالمالية العمومية جراء إنفاق هذه القروض الطائلة دون تحقيق منافع ملموسة في ما يتعلق بمشاريع التنمية والتشغيل والاستثمار.

ولقد تم التسويق فعلا الى أن “حاجة الدولة التونسية لهذا القرض كحاجة مصاب كورونا إلى جهاز تنفس.. اما احضاره على وجه السرعة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه أو انتهى الأمر “، والقصد انتهاء أمر تونس لو تم التأخير، والانتهاء بمعنى انهيار الدولة وتسليم مفاتيحها إلى هذه المؤسسات المقرضة ومن وراءها وكانت بالتوازي فزاعة “نادي باريس” قائمة حتى تجر البلاد جرا لهذا القرض السالب لسيادة الدولة وإرادة الشعب.

ولم يسجل في كل تلك الفترة سواء عجز أصحاب القرار وتشتت رؤاهم وتشرذمها علاوة على فقدان الجرأة على اتخاذ قرارات والسير في مسالك أخرى تعفي الدولة من السقوط في فخ شروط مجحفة تنال من سيادة الدولة التونسية وربما تزيد من السطوة على استقلالية قراراتها وتوجهاتها وحتى السيطرة على اتجاهات علاقاتها الخارجية ببعض الأقطاب العالمية والدول التي لا تدخل تحت طائل المنظومة العالمية التي تحكمها التحالفات والاستراتيجيات المهيمنة.

[3]

المنعرج الحاسم الذي زعزع سياسة “الإملاءات الفوقية” والاشتراطات القاهرة” لصندوق النقد الدولي حيال تونس هو السياسة التي اعتمدتها الدولة التونسية في أعقاب التدابير التي اتخذها رئيس الجمهورية في 25 جويلية 2021، والتي اسهمت جذريا في طي صفحة التطويق والخناق المضروب على تونس مقايضة بسياسة الاقتراض المجحفة للصندوق وسائر المؤسسات المالية العالمية التي لا تعطي شيئا على وجه الفضل.

وقد سلكت تونس طريقا مغايرا تماما للماضي، سواء منظومة ما قبل أو بعد الثورة، حيث أكدت رفضها علنا وعبر رئيسها الذي كرر رفضه في كل مرة الانصياع إلى سياسات المؤسسات المقرضة وشروطها، الأمر الذي يمكن تشخيصه في عديد التصريحات الرسمية التي وردت على لسان سعيّد خلال مناسبات وطنية ودولية، من ذلك:

▪︎ 6 افريل 2023

رئيس الجمهورية يقول إن “إملاءات المقرضين غير مقبولة وإن خفض الدعم” أدى إلى احتجاجات سقط فيها قتلى في تونس سابقا، السلم الأهلي ليس لعبة… يجب أن يعول التونسيون على أنفسهم”.

▪︎ 25جانفي2023

وكالة تونس إفريقيا للأنباء تنقل عن مصدر وصفته بـ “المأذون” في رئاسة الجمهورية، أن الرئيس قيس سعيد لم يوقع أي وثيقة تتعلق بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي”.

▪︎ 16 ديسمبر2022

سعيد: ” ايجاد حلول لمشاكل تونس لا يمكن أن يتم فقط من خلال الأرقام، ولا من قبل صندوق النقد الدولي ولا من قبل أي صندوق آخر”. (المصدر: وكالة تونس إفريقيا للأنباء).

وقد ذهبت تونس في اتجاه تفعيل الافتراض الداخلي بالتوجه للاقتراض الداخلي من ذلك البنوك المحلية والتعويل على مخزونات من البنك المركزي، بالتوازي مع ارساء حمائية قطعت الطريق أمام هيمنة مؤسسات الاقتراض الدولية والاقليمية وابعدت شبح المس بالسيادة الوطنية.

[4]

من المنطقي ان سياسة تونس الجديدة وغير المسبوقة دفعت إلى تفاعلات وردود فعل عكسية تجاه توجه تونس التحررية وحرصها على الفكاك من الهيمنة المالية الخارجية واستتباعاتها، وهذا ما يمكن رصد صورته بوضوح من خلال تصريحات وردود أفعال شخصيات مؤثرة وفاعلة اقليميا ودوليا:

▪︎20مارس 2023

جوزيب بوريل مفوض السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي يقول إن “الرئيس قيس سعيد يجب أن يوقع اتفاقا مع صندوق النقد الدولي وينفذه، وإلا فإن الوضع سيكون خطيرا للغاية بالنسبة إلى تونس”.

▪︎21مارس 2023

رئيسة الحكومة الإيطالية تكشف إن صندوق النقد الدولي علق مفاوضاته مع تونس (المصدر: وكالة آكي الإيطالية).

▪︎23مارس2023

باربرا ليف مساعدة وزير الخارجية الأمريكي المكلفة بشؤون الشرق الأدنى تقول إن مصير مساعي تونس للحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار من صندوق النقد الدولي لدعم الإصلاحات والحيلولة دون حدوث انهيار اقتصادي في يدي الحكومة.

وتضيف “هذه حزمة تفاوضوا (الحكومة التونسية) عليها، وتوصلوا إليها، ولسبب ما لم يوقعوا على الحزمة التي تفاوضوا عليها”.

وقالت إن “المجتمع الدولي مستعد لدعم تونس حينما تتخذ قيادتها قرارات جوهرية حول وجهتها” (المصدر: وكالة رويترز).

 تونس استطاعت إلى حد الآن الفكاك من اشتراطات صندوق النقد الدولي.. وهو في حد ذاته مكسب واقعي ونوعي كان ينظر إليه من قبيل المستحيل.. يمكن البناء على مثل هذه الخطوة لاستكمال مسيرة الألف ميل.

*قيس العرقوبي

(كاتب تــونسي)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com
error: هذا المحتوى غير قابل للنسخ أو الطباعة.

يمكنكم أيضا متابعتنا على صفحتنا على الفيس بوك