في ظل التحولات الجيواقتصادية العالمية المتسارعة، نظّمت مجلة Univers News ورشة عمل فكرية تحت عنوان: “تونس أمام التحديات الجيواقتصادية الجديدة: التموقع والفرص”، وذلك بمشاركة نخبة من الخبراء الاقتصاديين، الدبلوماسيين، وصناع القرار.
وقد شكل هذا اللقاء منصة مهمة لتحليل موقع تونس في الخارطة الاقتصادية العالمية، وتدارس السبل الكفيلة بتحقيق تموقع استراتيجي فعّال في سياق عالمي متقلّب.
تحولات كبرى ومخاطر متزايدة:
افتُتحت الورشة بكلمة افتتاحية ألقت الضوء على التغيرات الجيواقتصادية الجذرية التي يشهدها العالم، من تحوّل موازين القوى الاقتصادية إلى تزايد التوترات الجيوسياسية، كما تم التطرق إلى قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برفع الرسوم الجمركية على عدد من المنتجات المستوردة.
ترامب والرسوم الجمركية: تداعيات دولية وارتدادات تونسية في مشهد اقتصادي مضطرب:
تصعيد أمريكي يغيّر قواعد اللعبة:
أثار قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب برفع الرسوم الجمركية على عدد من المنتجات المستوردة موجة من التوتر في الأسواق العالمية. هذا الإجراء، الذي استهدف بالأساس الصين، خلّف تداعيات تجارية واسعة النطاق، حيث سارعت بكين إلى الرد بإجراءات مضادة، في محاولة لتقليص حجم الضرر الاقتصادي الذي قد يلحق بها.
تونس في دائرة التأثير:
رغم البُعد الجغرافي، لم تكن تونس بمنأى عن هذا التصعيد. فقد شهدت صادراتها نحو السوق الأمريكية ارتفاعًا غير متوقّع بنسبة 28%. هذا الارتفاع، الذي يبدو إيجابيًا في ظاهره، فرض على الدولة إعادة تقييم العلاقات التجارية الثنائية، ودفعها إلى طلب إعادة التفاوض مع الجانب الأمريكي، لضمان استقرار المبادلات وعدم تعريض الاقتصاد الوطني لمفاجآت مستقبلية.
أوروبا بين التهديد والصمت:
في المقابل، اتسم الموقف الأوروبي بالتردد، فرغم حالة الاستنفار القصوى التي شهدتها أروقة الاتحاد الأوروبي، لم يتم اتخاذ قرارات ملموسة كرد فعل على الرسوم الجمركية الأمريكية. واقتصر الرد الأوروبي على التهديدات الكلامية، ما يعكس حالة من العجز عن صياغة موقف موحد وفعّال في وجه السياسات الحمائية الجديدة للولايات المتحدة.
نحو مراجعة شاملة للسياسات الاقتصادية في تونس:
ما يحدث اليوم في الساحة الاقتصادية العالمية، يدفع تونس إلى ضرورة مراجعة سياساتها التجارية والجمركية بشكل أعمق. ففي غياب الضمانات المسبقة، تصبح التقلبات الدولية مصدر تهديد حقيقي، وقد تتحوّل إلى عوائق أمام جهود التنمية. لذلك، تبدو المرحلة الراهنة مناسبة لإعادة صياغة الرؤية الاقتصادية، على نحو أكثر حذرًا وتخطيطًا.
تونس في قلب التحول:
جاءت هذه الورشة لتؤكد أن تونس ليست مجبرة على مواكبة المتغيرات فحسب، بل قادرة على استثمارها والتأثير فيها، إذا ما توفرت الإرادة السياسية والرؤية الاستراتيجية الواضحة، ومجلة Univers News، من خلال تنظيم هذا الحدث، كرّست دورها كمنصة فكرية رائدة تواكب التحولات وتغذي الحوار الوطني حول كبرى القضايا الاقتصادية والجيواستراتيجية.
نادرة الفرشيشي
